الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة كـــوزكــي لتوفيق بن بريك: بـلاد العجـائـب والغـرائــب

نشر في  04 فيفري 2015  (10:43)

«الكتاب قوي، محبوك، صلب، واقف، يجري، جذاب.. السّطر انضباط والخطّ تمرّد»..هذا مقتطف من مؤلّف توفيق بن بريك «كوزكي» الصادر عن دار الجنوب، وهذه الكلمات التي أوردتها تلخّص روح الكتاب.. انّ القارئ ليس مدعوّا للبحث عن قصّة أو ابطال أو بداية أو نهاية فلا علاقة لكتاب توفيق بن بريك بالقصص الكلاسيكية التي تقدم للقراء هيكلا واضحا وتدرّجا دراميا ونهاية ينتصر فيها الحب على المجتمع أو الخير على الشرّ..
 «كوزكي» كتاب غير مألوف مزج فيه مؤلّفه العربية بالعامية وفي بعض الأحيان بألفاظ سوقيّة في قيمة المعدن النّفيس، فقد ثار الكاتب على الكتابة الكلاسيكيّة وعوّضها بكتابة لا ترضخ لضوابط الكتابة التقليدية فالكتابة «تمرّد» أو لا تكون..
لقد خاض توفيق بن بريك في مواضيع عديدة فقدم نفسه كمسافر وفي حقيقة الأمر فقد كان مسافرا ثابتا لا يتحرك وجذوره في كلّ أنحاء هذه البلاد.. خياله وحده يجنّح ويتحدث وينتقد ويثور.. هو يقول انّ السلطة «لا مصدر لها ولا نهاية ولامنتهى.. السلطان قاتل أو لا يكون» ثم يقدّم رسوما فنية خاصة بتونس ورجالها ونسائها ومدرسته في قرية ولدتها المناجم في الشّمال.. ثم يسافر عبر بحر حياته حتى يذكر بالميكانيكي وبسطاء الحال الذين عرفتهم طفولته وكل حياته، كما يتحدث عن المدن والقرى التي زارها ولم تبرز منها إلاّ الجذور  أو «وجوه» قوية راسخة في الذاكرة.. ثم يحملك على أجنحة كلماته  إلى عالم الفلسفة والسياسة والتفكير في  الذات والوجود والحياة وفي جرابه حروف تنفجر ثم تحلّق وكأنك تقرأ لملك  le surréalisme الذي «أضرموا من حوله الخنادق ومثلوا به»..
انّ هذا الكتاب ممتع لمن كان مولعا بالفلسفة والابداع الحرّ على الاطلاق ومستعدّ لسفرات مثيرة تمتزج فيها الواقعيّة بالخيال الذي لا يعترف بالحدود ولا بالقوانين ولا بدروس الأساتذة في اللغة والإعلام والسياسة...

المنصف بن مراد